السبت، 13 فبراير 2010

قصة (( أقلام الملائكة ))



 ((أقلام الملائكـــــــــه ))
 
 
كم أبدو أنيقاً فى تلك الرابطة الزرقاء !! .. مددت يدى لأعدل من وضعها لترتكز فى وسط عنقى بدقة .. والتفت لأنظر إلى المرآه .. فإذا بأضواء الغرفه تنعكس على زجاجها .. فعادت تلك الذكرى لرأسى مرة أخرى .. ولكنها لم تذهب عنها من الأساس .. ياللعجب !! ظل ذلك الموقف يشغلنى طوال الأسبوع وها قد حانت نهايته .. فكم أتوق لرؤيتهما ........
 وبينما أنتهى من ربط رابطة عنقى .. شرد ذهنى فى ما مضى .... لأذكر بداية ذلك الأسبوع .. 
(( تررررررررررن .. ترررررن .. انطلقت يدى الهامده فى محاولة يائسة لإطفاء تلك الآله اللعينه .. وبعد مشقة .. ارتاحت أذناى من ذلك العذاب المتصل .. وما هى إلا دقائق و كنت أجفف وجهى بالمنشفه .. ويا لها من رائحه سيئة .. وكأنى كائن من المريخ .. لأتسمم بتلك الروائح التى تبدو لزوجتى روائح عادية وخافته .. يا لها من زوجة كسوله .. فألقيت المنشفه وأسرعت لأرتدى ملابسى .. وهبطت من المنزل لأستقل حافلة الشركة بدون افطارى الذى اعتدت ألا اتناوله من يدى زوجتى .. والقيت السلام على أولئك الرجال الهرمين المترامين فى الحافلة .. وأحسست أنى وسط مجموعة من كهنة فرعون .. أو مجموعة من المومياوات يتجمع فى وجوهها العبوس والجمود .. فكل منهم خط فوق وجهة الزمان آلاف الخطوط من الهم والشقاء.. فاتخذت مكانى المعتاد فى نهاية الحافلة وحيداً على أحد المقاعد المهترئة .. وأخذ عقلى يدور بتلك الكآبه فى صباح يوم كبيس .. أشعر وكأنى كائن أقل رتبة من البشر .. وكأنى أحد الثدييات المترامية فى السلسلة الغذائية .. لا يهمها سوى طعامها الذى تجمعه صباح كل يوم .. اعتدت الملل .. واستقرت الكآبة بداخلى .. وها هى الشمس تزيد كآبتى .. وتلحف رأسى من زجاج الحافلة الخلفى .. فاستدرت لأرى وجهتها ............. وحينها بدأت قصتى مع الأقلام .... 
التقطت عينى مجموعة من الرسومات على الزجاج الخلفى للحافلة .. رسومات عجيبة !!!! .. فقد انقسمت كل رسمه لقسمين .. احدها باللون الأحمر .. والآخر باللون الأزرق .. وجميعها رسومات مكتمله .. إحداها لورده وأخرى لقطة وغيرها من الصور .. فيما عدا صورة واحده باللون الأحمر .. والتى لم أفهمها .. فما هى إلا خط منحنى باللون الأحمر .. فوددت لو أن معى .. قلم لأعبث مع هذين القلمين .. ولكن أين لموظف روتينى مثلى بقلم يرسم فوق الزجاج ؟؟ .. فأخذت عينى تدور وتدور بين هذه الرسوم .. وفجأة توقفت الحافلة .. وهبطنا جميعاً من الحافلة .. ومر اليوم كغيره من الأيام .. 
وبعد انتهاء الدوام استقليت الحافلة للعوده للمنزل .. ولمحت الزجاج .. فوجمت أمام رسوماته !!!!!!!!! .. فقد فاجأنى اكتمال الرسمة الناقصة .. فقد أكملها القلم الأزرق لتكون قلباً رقيقاً .. واخيرا ارتسمت البسمة على شفتاى بالرغم من شقاء ذلك اليوم العصيب .. وتوقفت الحافلة أمام منزلى فهبطت منه وفى ثوانى كنت بداخل المنزل أتناول طعامى البارد .. فقد نامت زوجتى من ساعة على الأقل .. وبعد أن انهيت طعامى .. اغتسلت وجففت يداى بالمنشفه .. ولكن كانت رائحتها ذكية تلك المره .. فدخلت إلى فراشى مبتسماً هادئ النفس .. تعبث برأسى أفكار وأحداث ذلك اليوم .. وبالأخص تلك الرسومات .. إلى أن ............. 
 ترررررررن .. ترررررررررن .. ونبض قلبى من جديد .. ليوم ممل آخر .. فارتديت ملابسى وبينما أخرج من منزلى فإذا بى ألمح افطاراًَ .. فسعدت به بشده .. وأنزلت عليه فى سرعة فائقة .. وخرجت مسرعاً .. لأستقل الحافلة .. وفجأة تذكرت الرسومات .. فالتفتت إليها فإذا بخط أحمر يتوسط القلب الأزرق .. وشرد ذهنى فى أصحاب تلك الرسومات .. كيف يعيشون ؟؟ كيف تبدو حياتهم ؟؟ أهم أصدقاء ؟؟ أهم أحباء ؟؟ مئات الأسئلة أخذت تجتمع فى رأسى .. إلى أن توقفت الحافلة .. وهبطت إلى مقر عملى .. وبعد الدوام .. عادت تلك الحافلة .. فدخلتها ناظراً إلى الزجاج مباشرة باحثاً عن الخط الأحمر فإذا به تحول لسهم بالقلم الأزرق وبجواره طفل صغير يعبث بقوس .. آه إنه ((كيوبيد )) .. يا له من قلم أزرق ذكى .. يجيد التعبير عما بداخله .. فأخرجت قلم أسود كنت قد سحبته من مكتب أحد الزملاء .. وابتسمت فى دهاء وكأننى ظفرت بكنز سليمان .. وأخذت أفكر فيما أستطيع تقديمه لهذين الشخصين .. وفجأة انشقت السماء عن فكره عبقرية !!! ...... 
فكتبت لهما تاريخ – بعد غد – فقط بقلمى الأسود .. وتمنيت أن يفهما معنى ذلك .. ومضى الوقت بسرعه .. ودخلت منزلى لأجد زوجتى مستيقظة .. وعلى وجهها ابتسامه رقيقة .. فقبلت رأسها .. وعبثت بخصلات شعرها الرقيقة .. ولكن معدتى كانت تصرخ من الجوع بعنف .. فأنا لم أتناول شئ فى العمل لتناولى افطاراً شهياً .. فدخلت لتعد لى العشاء .. وأكلنا سوياً .. وحاولت ألا أضايقها بهموم عملى .. فما كان منى سوى أن أسمعتها كلمات جميلة ، رقيقة .. ووعدتها بأن نخرج للعشاء بعد غداً وأن اشترى لها شيئاً جميلاً .. وذهبت إلى سريرى الغالى مشتاقاً إليه .. وتذكرت القلمين .. وترررررررن .. تررررررررن ..
ترررررررن .. استيقظت وتناولت افطارى ونزلت إلى الحافلة .. ونظرت للزجاج .. فإذا يعلن فهمه لمقصدى قائلاً الساعة "9:00 مساءاً " .. فسعدت كثيراً .. فقد تفهم مقصدى .. وبعد انتهاء العمل وركبت الحافلة .. كان للقلم الأزرق كلمته .. فقد كتب المكان "محطة الحافلات"...))....
وجاءت زوجتى من خلفى .. وأضافت لمستها الرقيقة على رابطة عنقى .. وكانت بسمتى الهادئة تخبئ ما بداخلى من لهفة لرؤية هذين الشخصين .. فقد حان اليوم .. وها أنا على أعتاب معرفة سر الأقلام .. فكم استمتعت بمشاهدة رسوماتهما الرقيقة .. وتعجبت من قدر اشتياقى لرؤيتهما بالرغم من عدم اهميتى .. فما بالكم بلهفتهما .... !!!!!!! 
 وما هى إلا دقائق حتى وصلنا إلى "محطة الحافلات " .. فأخذت عيناى تدور باحثة عن أشخاص .. وها قد وجدت شخصاً واقفاً .. فأعطيت زوجتى مالاً وسألتها ان تشترى لها شيئاً من ذلك المحل .. فذهبت .. وبقيت وحدى .. وتحسست قلمى الأسود .. فإذا بى ألمح قلماً أزرق فى يدا الشاب .. فابتسمت .. ولكن هاهو صامت واجم .. بلا أمل فى ان يجد القلم الأحمر .. وساد صمت ثقيل .. ولكن قطع ذلك الصمت .. توقف الحافلة .. آه منك أيتها الحافلة .. كم كنتى مملة .. فأدركت عينى السعاده على زجاجك .. كم كنتى كئيبه .. فأدركت روحى الفرح بين جنباتك .. فإذا بالحافلة تتحرك مبتعده .. واظهر ابتعادها تلك الفتاة الجميلة .. هل هى الشخص المنتظر؟؟ .. هل تخبئ تلك الأقدار هذا الحب المدفون وسط زحام تلك المدينه الكئيبه ؟؟ .. أيمكن أن تشق الرومانسية طريقها فى أسوأ الظروف ؟؟ ..... 
توقفت الفتاه لبضع لحظات .. إلى أن لمحت الشاب .. فذهبت تجاهه .... وانصت جيداً لأولى كلماته للفتى .. فإذا بها تسأله عن الساعة .. فخاب أملى بشده .. ورجعت رأسى للوراء ... وأحسست بمدى بلاهتى واندفاعى وراء الأوهام .. فكما يبدو انى اتوهم مجموعة من الأقلام لأسلى بها نفسى فى ذلك الملل الذى شعرت به .. نعم .. إنه كذلك .. ولكن ........
 إذا بالفتى يخرج يده من جيبه .. فسقط منه القلم الأزرق ... 
فابتسمت الفتاه .. وتورد خداها بلون هادئ جميل ..وإذا بها تخرج قلمها الأحمر .. فابتسم الفتى .. ولكن لم تكن لإبتسامته القيمة مقارنه لما شهدته فى ذلك الوقت .. وكأن الكون يحتفل بلقائهما .. فإذا بفرقة موسيقية تمر فى الشارع فى ذلك الوقت .. لتعزف أجمل الألحان .. وإذا بالحمامات الجميلة تحط على المكان .. فكم ملأت عيونهما الإشتياق .. يا لها من لحظات .. يكاد يصدق عقلى ما حدث .. وكأن أجمل وأرق الشموع اشعلها القمر لتجعلها ليلة رومانسية جميلة لهذين العاشقين .. وكأن تلك الفرقة البسيطة المكونة من ثلاثة عازفين .. أصبحت كأكبر فرقة لعزف الكمان فى العالم لتعزف أرق وأجمل الألحان .. فإذا بالحبيب يدعو محبوبته لرقصة على تلك الموسيقى الهادئة لتعزف أقدامهم أجمل الألحان .. وكأن الأرض تحملهم وتحرك أقدامهم بلين ورشاقة .....
وفجأة جاءت زوجتى .. وسألتنى عن هوية هذين الشخصين .. وكادت عينى لا تتحرك عنهما .. إلا أنى فضلت ان اتركهما فى تلك الحالة والتى لا أريد سوى ان اتذكر ذلك المشهد لبقية حياتى .. وكأنى رأيت فيلماً لأعقد المؤلفين خيالاً .. وكأن الرومانسية تجسدت لتؤلف تلك القصة الجميلة بعد ان تعاونت معها الأقدار ليكونا ذلك الفيلم الخيالى .. الأشبه بالأساطير .... 
وأمسكت يد زوجتى بقوه .. مستكملاً طريقنا .. وألقيت قلمى الأسود بيدى اليسرى بعيداً فى الهواء .. قائلاً لها .. لا تبالى يا عزيزتى .. وألقيت نظرتى الأخيره على المحبين .. فإذا بهما اختفا عن ناظرى تماماً .. فأخذت عينى تدور يميناً ويساراً .. بحثاً عنهم .. ولكن ..... لم أفلح .... فعدت لزوجتى برأسى وأكملت جملتى .... نعم لا تبالى .. فهم مجرد ........ مجرد ملائكة ... ##

********