الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008

قصـــة (( ضحكت فى خجل ))

اممم .. النعاس .. ياله من نعمة .. أكاد اذكر الأمس .. أكاد اذكر الأمس ومشاقه .. دلف إلى صدرى رائحة خضرة يانعة .. تكاد يتسع لها صدرى ليشملها كلها .. داعبتنى حرارة الشمس .. ونسيم خفيف أخذ يتلاعب بخصلات شعرى القصيرة .. فتحت عينى رويداً رويداً .. ليتسلل الضوء داخلها معلناً عما يوجد حولى .. فإذا بى فوق قمة خضراء عالية .. فوق أرجوحة مزينة من كل الجوانب بشجيرات وسيقان خضراء بديعة ناضرة الألوان ...
فاق جمال المنظر كل ما رأيت من قبل .. ويكاد أن يتحول للوحة معلقة فى ردهة فى ردهة قصر أفحش الأثرياء .. لا أدرى بما أصف ذلك المكان .. وإن فلحت بوصفه فكيف أصف شعورى بوجودى فيه .. شعور بالراحه والهدوء الممتزج بالطمئنينة .. وفجأة .. ملأتنى رغبة فى استطلاع المكان .. فأدرت رأسى يساراً .. فإذا بالسماء تملأها احتفالات .. بتلك الصواريخ التى تنطلق فى أعظم المهرجانات .. وشكلت أشكالاً وقوالب جميلة تختلف بين القلوب وبين الورود .. فابتسمت فى سعادة لهذا المنظر الباهر .. وأدرت رأسى يمينا .....
وحينها .. تحجرت عيناى .. فقد فضلتا السكون .. وكأنما وجدا هدفهما .. أرأيت ما لا تقوى عيناى على رؤيته ؟ .. ربما .. فقد أمام الطيور بكل ألوانها .. البحار بنقاء مياهها .. السماوات بنجومها .. الورود بأجمل أشكالها .. وأطيب ريحها .. إنها حلمى البعيد المنال .. فتاة ذات عيون .. تعكس الجنان بكل صورها ومحتوياتها .. أهى أجمل البشر ؟ .. و أى بشر ؟ .. أهى من البشر .. من المؤكد أنها تنتمى لذلك المكان البديع .. وفوجئت بأن حدقتاى تضيقان شيئاً فشيئاً من سطوع نور تلك الشمس الصغيرة .. فعيونها بداخلها تكمن أصعب الألغاز .. أحاجى بلا حلول !! .. صدقونى .. ليس الأمر بيدى .. ليس الأمر بيدى .. فقد وضع داخل عيونها سر الوجود واختفى للأبد ..
كانت تنظر إلى مبتسمة .. ولكن – ولم أعلم لماذا – كان هناك حيرة تجوب بملامحها .. فسألتها فى هدوء يكاد لا يصدر منه صوت قائلاً : " لم الحيرة أيتها الفاتنة ؟ " .. فلم تتأثر وكأنها لم تسمع كلمة مما قلت فعيناها لم تتحركا.. بل سكنتا فى مكانهما .. وإذا بها تستفيق من ذهولها .. وفتحت فمها دون أن يخرج منه كلمات مسموعة .. فابتسمت محاولاً طمأنتها .. فقالت بعد مشقة : " هل أنت صاحب ذلك المكان أيها الوسيم ؟ " ....
مرت الكلمات على أذنى وكأنها سيمفونية من الروائع .. وزاد من جمال صوتها أنه كان صوتاً مألوفاً .. فهدأ قلبى ووجد شراعه سبيله إلى المستقر .. وأصبحت بسمتى ملئ وجهى .. فلم أتوقع أن كلانا غريب عن ذلك المكان .....
وإذا بى فجأة اذكر كلمة الوسيم .. فاحمر وجهى .. كما حدث لها نفس الشيء .. يبدو أن كلمة الفاتنه أخجلتها .. ربما .. وإذا بأجمل وجنه أرها فى حياتى .. أ للجمال اسم آخر ؟ .. أ للوسامة والحسن هيئة أخرى ؟ .. لا أظن .. فأرادت أن تحرمنى من تلك اللحظات بأن أشاحت وجهها عن وجهى .. الحياء والخجل هما عنوان تلك الإبتسامات الرقيقة .. فكيف أسمح لها بأن تحرمنى منها ؟ .. فارتفعت يدى كمن ينقذ نفسه .. ويتعلق فى آخر أمل له .. وفى حركة عفوية أمسكت يدها مترجياً أياها ألا تشيح بنظرها بعيداً من خجلها .. فإذا بعيونها تعود أدراجها كالطير المسافر إذ يعود لصغاره فاحتضنتها نظراتى المتلهفة لرؤية تلك العيون .. وانطلقت الدماء تتدفق فى عروقى مرة أخرى .. فضغطت على يدها واقفاً وجاذباً إياها لتقف .. وإذا بى أدور بها حول نفسى .. وغمرتنا الشمس بأشعتها الذهبيه معلنة إحتفالها بنا .. ونزلت على ركبتى .. وانطبعت فوق يدها قبلة هادئة .. ثم رفعت نظرى لوجهها ......
يا له من حلم جميل .. كثيراً ما يراودنى .. وما أن رفعت تلك الخمائل المترامية فوق وجهى .. فإذا بذلك الوجه الذى حلمت به .. إنه أمامى .. فابتسمت لها .. فنظرت لى .. وابتسمت .. فى خجل !! .. آه .. يا لها من زوجة !!

السبت، 11 أكتوبر 2008

قصة (( أسير القمر ))


أسير القمر


دقت الساعة الثامنه مساءاً .. وكان المنبه يعلن نهاية مشقتى الرهيبه تلك .. فقد كان السفر إلى تلك البلاد مرهق للغاية .. استغرقت 3أيام لعبور تلك الحدود .. وعشرات الأختام وضعت فوق جواز مرورى ..
وضعت حقائبى فوق سرير ناعم وجميل يغرى لأقصى الحدود لنوم هادئ .. ولكن إذا نمت لأضعت عشائى الوحيد الذى قد أناله فى ذلك الفندق المنظم .. فما كان منى إلا أن اخرجت ملابس وانطلقت للإستحمام .. وبعد الإنتهاء من ذلك الحمام المنعش .. انطلقت لردهة الفندق لأنال العشاء .. وها هى وجبتى العزيزه .. وطوال تناولى تلك الوجبه لم تهدأ رأسى من التفكير فى ذلك الشئ .. الشئ الذى أحضرنى إلى هنا .. سر أسير القمر !! ..
قد لا تعلمون عنها شئ ولكنها أسطورة معروفه فى تلك البلاد .. واخترتها لأنهى بها ابحاثى ولأنال بها درجة الدكتوراه فى تاريخ تلك البلاد .. وتمنيت لو جاء اليوم التالى لأبدأ عملى .. فالأسطورة تحكى عن رجل نظر للقمر وفجأة اصبح أعمى وأصم !! أعلم انه شئ غريب .. والمطلوب هو تفسير ما حدث .. وما سبب تسمية تلك القصة بالأسطورة !! فأى شخص معرض للعمى من نظره إلى القمر .. استغرق بحثى وراء ذلك الشخص عدة أشهر .. علمت كل ما تتخيلوه عنه .. قرأت عن طفولته الطبيعيه .. حتى وفاته .. ولا يوجد بها ما يشير لوجود شئ غير طبيعى .. و ......... أخيراً .. انتهيت من طعامى ..
صعدت درجات سلم الفندق .. متوجها لغرفتى .. ولم ألحظ شئ سوى ذلك السرير .. وفى لحظات ..
وفى اليوم التالى .. هبطت إلى مقبرة أسير القمر .. استمر بحثى داخل تلك المقبرة عدة أيام .. ولكن !! .. لم أجد ما يفسر قصة ذلك الشخص .. ولم أطلقت عليها أسطورة ؟؟
ملأنى اليأس من حل ذلك اللغز .. فحتى أهل البلده قد تملكهم اليأس من معرفة سر أسير القمر .. ولا يتحدثون كثيراً عن تلك الأسطورة .. سادنى إحباط رهيب .. كل تلك التكاليف والأبحاث وراء أوهام وأسطورة بلا معنى .. ما هذا الغباء !!
عدت فى ذلك اليوم إلى الفندق يغمرنى غضب عارم .. وأعددت حقائبى .. وخرجت من الفندق سائراً فى الطريق إلى المطار .. وطوال الطريق يملأنى تأنيب رهيب .. كيف أتبع تلك الخرافات .. وكيف سأظل طوال حياتى باحثا وراء تلك الأوهام .. بدأت ثقتى فى نفسى وفى شغفى وراء علم الآثار الذى أضعت حياتى وراءه تقل بشده .. بل واضمحل شغفى تماما فى تلك اللحظات ..
يا لها من لحظات صعبه ..
وهاقد بدا المطار من بعيد .. فسألت عن ميعاد الطائرة .. فإذا بها فى اليوم التالى !!! .. يالها من كارثه .. فحتى المطار لا يمكن النوم فيه لإحتياطات أمنيه من قبل أمن تلك البلاد ..
حملت حقيبتى وعدت أدراجى .. وإذا بى أمام الفندق .. وفجأة تذكرت .. فآخر أموالى حجزت بها تذكرة العوده .. ولا يمكن قضاء ليلة أخرى فى ذلك الفندق الباهظ .. حسنا .. هذا ما كان ينقصنى بالفعل .. شكراً أيها الأسير الغبى .. سأبيت بجوارك الليله .. فليس امامى سوى تلك المقبرة والتى وضع بجوارها خيمه لبيات العمَّال .. ودخلت الخيمه .. لم أستطع النوم !! .. فحملت مصباحى وخرجت للمقبره لأتسلى قليلاً ..
وبينما اخطو خطواتى الأولى فى المقبرة .. فإذا بى أتعثر فى ذلك الحجر الغبى الذى لطالما تعثرت به فيما سبق .. وكأنه وضع هنا من أجلى .. فعدت إليه لأركله بقدمى بقوه لربما أخرجته من الأرض .. فاقتربت بمهل .. ونظرت نحوه نظره فاحصه .. فإذا بها حلقة معدنيه ..
ومرت دقائق حتى استطعت إخراجها من الأرض .. وأخذت أديرها يمينا ويساراً .. وفجأة سقطت منها رساله من الجلد .. ولمعت عيناى بشده .. وانطلقت عينى لتتسابق فوق تلك الأحرف القديمه والتى طالما حُفرت فى ذاكرتى من كثرة دراستها .. وها هى الرساله :
(( ميلاد صباح هادئ .. حدث ما كنت أخافه .. حدث ما كنت أخشى التفكير فيه .. حدث ما حاولت ألا يحدث لى بكل جهدى .. لقد سبق ان استخدمت كل السبل لمنعه .. ولكن ..!! ما باليد حيله .. ضاعت محاولاتى وخرت صريعه أمام ذلك الوحش الكاسر الذى لا يرحم حتى من يبتعد عنه ...
تم الأمر فى مجرد لحظه .. ولكنها ليست كأى لحظه .. وكأن ملائكة الأرض أطاحت بكل ما فى الأرض من شياطين حتى خلت لها الساحه لتنشر الهدوء والسلام والأمان .. لحظه لا توصف .. لم يحدث بها إلا مجرد نظرة ثم بسمة .. أجمل نظرة مع أروع بسمه .. إنها الفتاة المختارة .. ولم يحتاج الأمر للحظة أخرى فقد كانت تلك اللحظة كافية .. وفيها كتب بين قلبينا عهد .. إنها أجمل ملائكة الأرض .. إن قلت أنها بيضاء كالثلوج .. أو متقدة كشموس الكون .. فلست بصادق .. بل هى من كتب من بعد رؤيتها جمال اللون الأبيض .. لقد سنت قوانين الجمال من مرآه تعكس نظرات عيونها الزرقاء والتى أكاد أسمع طيور النورس المحلقة فوق ذلك البحر الهادر المترقرق من بين جفنيها ...
يا لحماقة ليوناردو دافنشى .. كيف سولت له نفسه برسم تلك الحمقاء واصفاً إياها بأجمل النساء .. ولكن أتصدقون!! فهو على حق .. فتلك الفتاة التى رأيتها ليست بأجمل النساء .. بل أجمل ملاك .. لا بل أجمل ما خلق على الأرض ...
وفى يوم آخر .. وفى لحظة أخرى .. كتبت لى السعادة إذ تكلمت بجوارى فسمعت صوتها .. ناى يعزف لحن الأمان ليبدد وحشة ليلة بلا قمر .. أنغام تلين بسماعها الأحجار .. كأمهر أوركسترا تعزف للأنام .. أحلام .. أوهام .. يا له من صوت .. كيف أشعر بذلك الهدوء والطمأنينه لدى سماعى إياه ؟..طيور تغرد لتصدر أجمل و أعذب الأصوات والتى لم تخلق الأذن إلا لتسمع ما يماثلها إن وجد .. نقلتنى لعالم آخر .. وكأنى على جزيرة مهجورة وفوق أنقى الرمال لأبنى قصراً عالياً .. شامخاً .. يصمد حبى لها بصموده .. ولكن ....
لم أجدها فى اليوم التالى .. وظلت عينى تبحث عنها .. ومرت الأيام دونها ..
فأصبحت كالسمكه المعذبه والتى يخرج جزء منها من الماء كل يوم ..
اعلم أن موتى قريب إذا لم أجدها مرة أخرى .. فإذا بى أجلس فى شرفتى أراقب النجوم متوسلاً إياها أن تتجمع فتجسد لى ذلك الملاك الضائع .. فناجيتها قائلا .. خذى سمعى وبصرى أيتها النجوم .. وامنحينى بضعة ساعات معها وحدنا .. فإذا بالقمر يستجيب لى !!
ويا للفرحه التى غمرتنى عندما رأيت وجهها محل القمر .. اقسم بأنه لن يلحظ أحد تغيب القمر إذا حل وجهها مكانه بل قد يلحظوا زيادة ضياءه .. غمرتنى نسائم تكاد توصف بالكمال .. وأخذت أحدث ذلك الوجه الملائكى بالساعات .. ولكن .. لم لا ترد على أيها الوجه الجميل .. فإذا بها يتملكها الخجل واحمر وجهها .. فتحولت وجنتاها إلى لون وردى هادئ لم أر له مثيل .. فتوسلت لها لأسمع صوتها .. فإذا بشفتيها تتحرك لأعلى و أسفل .. فأرهفت سمعى عسانى أسمعها .. فقالت " أحبـــ.." .. فابتسمت لها قائلاً .. " أتحبينى ؟ " .. فتحركت شفتاها ثانية قائلة .. ولكن !!
صدقونى .. حاولت سماعها ولكننى لم أسمع شيئاً .. فضقت بها .. وصرخت فيها .. لتتحدث بصوت أعلى .. ولكن مهلاً !!
فأنا لم أسمع صوتى !!
وفجأه انمحى القمر .. ولم يعد أمامى سوى الفضاء الأسود المغلف بحيرتى التى تكفى الناس جميعاً .. وفجأه خطر فى رأسى تفسير لم ولن أجد غيره .. لقد أخذ القمر سمعى وبصرى !!
لااااااااااااااااااااا ... ألن أراها أو أسمعها ثانية ؟؟
ولكن .. ولكنى لست حزينا .. فآخر ما رأيت كان وجهها .. وآخر ما سمعت كان صوتها .. ولكن !! هل قالت أنها تحبنى ؟؟؟
وحينها ... ضحك القمر ضحكه شيطانيه تردد صداها فى آذانى البريئة إلى الأبد !!!!! )) .... يا لها من قصة !! .. وضعت الرساله داخل حاويتها المعدنية مره أخرى .. وخاطبت نفسى قائلاً .. إن لم تخلده تلك البلاد كأسير للقمر .. لخلدته أنا بإسم الشاعر أسير القمر .. يا لها من أسطورة !! .. لم أعلم أنك تكلمة لقصص العشاق أيها الأسير المُعذب !!